السلام عليكم.. أنا ولدي عمره سنه ونص وانجبت ابنه حديثا وابني كثير الغيره واجد نفسي لا اقدر أن أوفق بين اثنين واني كثيرة الصراخ علي ابني بسب تتصرفات ولا أعرف كيف أتصرف معاه أرجوك تساعدني
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله أيتها المربية الفاضلة في رحاب موقع المستشار ويشرفني الرد على استفسارك وأسأل الله أن يسددنا وإياك ويلهمنا الصواب فيما نقول ونعمل ..
قبل أن أجيب دعينا نتصور معا ابنك وقد أصبح رجلا ، ترى كيف سيصفك؟ولكِ الاختيار:
_ أمي الحنونة العظيمة التي صبرت عليّ وربتني أحسن تربية؟..
_ أو سيقول :سامح الله أمي القاسية التي آلمتني كثيرا بكلامها وضربها؟
أولا:
أشعر بما تعانين وأدرك أن من الصعوبة التوفيق بين السهر على الصغير ومراعاة الكبير وتغطية احتياجات المنزل ومواجهة هذه الضغوط ولكنّكِ (أمّ) وما اكتسبت الأم هذه المنزلة بسهولة ، فقد أوصى الله تعالى جلّ جلاله بحق الأمهات في كتابه العزيز.
وأوصى نبيه صلى الله عليه وسلم بالأم بوصايا لا توزن بكنوز الدنيا ..وعندما تعرفين أن أجر الأم الصالحة عظيم فهي(تتألم) و(تصبر) لتنال(الثمرة) وتفرح بأبناءها وتنال مالا يخطر على قلب بشر ،أرجوا أن يجبر الله قلبك ويوفقك في تربية أبناءك ولايحرمك الأجر .
ثانيا:
انظري في عيني طفلك وابتسمي له واحضنيه وعوضيه عن تلك المكانة التي فقدها ونازعها عليه ضيفكم الجديد ، أشعريه بأنك مازلتِ تحبينه وأنك تهتمين به ودعي ابتسامته الشقية تداوي تعبك ..ولن يكون الطفل (طفلا ) إذا لم يعبث ويشاكس ويكسر..
ثالثا: الآن نحن أمام نقطتين
(غيرة ابنك ذو السنة والنصف) و(عصبيتك الشديدة تجاه تصرفاته)
أنتِ تشعرين بأن أعصابك تفلت منكِ وأنك تتصرفين رغما عنك ،مع أنكِ أختي إنسانة بالغة وتملكين زمام نفسك ..
فكيف بطفلك الذي يتصرف بدافع الغيرة الفطرية وبكل عفوية وهو غير مسؤول عن تصرفاته فابنك لايملك نفسه وحقيقة هو يبحث عن سعادته في كل ذلك ولايفهم لمَ أنتِ تصرخين وتغضبين ..
ما أريده منكِ أن تتقبلي مشاعر الغيرة من هذا الطفل وانظري له بعين الرحمة فهو يريد أن يشعر بالأمان ، وأن تضبطي أعصابك فالغضب في هذه المواقف يزيد الأمور سوءا وتزيد غيرة الطفل وسلوكياته ،لأنه يرى استجابة مباشرة منكِ فيبقيكِ على اتصال معه بهذه الشقاوة..!
رابعا: (غيرة الطفل)
يمكن التخفيف من أثر الغيرة بوسائل:
1_إشباع الحاجات الأساسية للطفل في هذا السن جسدية، ونفسية، ولغوية ومعرفية، واجتماعية انفعالية.
2_اقرئي في خصائص مراحل الطفولة ووفري له الألعاب التي تناسب حركته وتساعد على نمو ذهني مثالي.
3_ التقليل من استثارة غضب وغيرة الطفل بحضنه وتقبيله واللعب والحديث معه خاصة عندما يكون هادئا ومهذبا لتعزيز السلوك الجيد.
4_لاتنفعلي واضبطي أعصابك قدر الامكان فالعصبية تزيد الأمر وتزيد غيرته .
5_تجنب استعمال الضرب والقسوة مع الاطفال.
6_أكثري من الدعاء لابناءك بالصلاح والهجي بهذه الدعوات في صلاتك : (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما)
7_عندما يصدر منه ما يزعجك أخبري الطفل بما تريدين بكل هدوء وحزم وكرري عليه .
وللاستزادة حول هذا الجانب يمكن الاطلاع على استشارة: طفلي عدائي تجاه أخته.
خامسا : ( وقفات مع العصبية)
العصبية التي تأكل الشباب وتعجل ظهور الشيب والتجاعيد وتسبب شحوب الوجه والهالات حول العينين وتساقط الشعر
وتفسد الحياة الأسرية وتعكر صفو علاقتك بأبنائك وزوجك
العصبية تعني أن تجعلي (أعصابك) أسيرة لتصرفات الآخرين
هي ذاتها التي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال:
(ليس الشديد بالصرعة إنما الذي يملك نفسه عند الغضب )
يقول الدكتور إبراهيم الخليفي : الطبع السيء الذي عابه الدين يجب تغييره والحلم يأتي بالتحلم والنبي عليه السلام كرر "لا تغضب".\
ويقول : ( إن الظلم والعدوان الذي يوقعه صاحب السلطة (المربي) لأفراد بيته أو لطلابه متشعب الأذى فأذاه: بدني ونفسي واجتماعي ولعله أخطرها فالأطفال يتقمصونه).
اسألي نفسك ماذا سأكسب من عصبيتي التي تؤثر في نفسيتي و نفسياتهم.
وكم سأخسر عندما يكبر هؤلاء الأطفال ويصلون للمراهقة عندها يزدادون نفوراً مني .وكيف سأدفع الثمن وهم كذلك نتيجة عصبيتي معهم ؟!
سادسا: (علاج العصبية)
1_ اللجوء إلى الله والتضرع له والدعاء بنية خالصة أن يوفقك ويفرج همك، و أن يهدئ الله جل وعلا من روعك وأن يعينك على تربية أبناءك ويصلحهم ويرزقك برهم بإذنه سبحانه وتعالى فهو قادر على كل شيء.
2_الاستغفار والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم وذكر الله على كل حال وقراءة القرآن مما يخفف التوتر وعودي ابنك عليها .
3_تعلمي فن الاسترخاء ولو ربع ساعة عندما ينام أبناءك أو يهدؤون فهو يمتص الكثير من التعب .
4_أرسلي لنفسك الرسائل الايجابية (سأستعين بالله لأتخلص من العصبية)، (أنا أم رائعة) ، (سأربي أبنائي أفضل تربية)
5_ نظمي وقتك قدر الاستطاعة ولاتراكمي الأعمال حتى لا ينعكس عليك بالتوتر والغضب.
6_اجعلي لكِ وقفات لتقيمي طريقتك وأسلوب معالجتك لتصرفات طفلك وتذكري أنك القدوة له وأنتِ كالمرآة بالنسبة لهم وسترين أفعاله وسلوكه يتحسن للأفضل بإذن الله .
7_اهتمي بنوع غذاءك فبعض الأغذية تحسن المزاج وتخفف التوتر (الليمون والنعناع والفواكه بأنواعها) واحرصي على 10 دقائق رياضة على الأقل في اليوم
8_كلما شعرتِ بفوران الغضب غيري وضعك إما بالجلوس أو الاستلقاء أو اذهبي وتوضئي واستعيذي بالله من الشيطان .
9_ استحضري أن ابنك في مرحلة استكشاف العالم الخارجي، مرحلة تتميز بالحركة المستمرة والنشاط، والانطلاق وهذا مدعاة للفخر به والمرح معه وليس لعقابه فتذكَّري وتعلَّمي كيف تستمتعين بأمومتك معهم.
10_أرجوا منكِ الاطلاع على كتب د. مأمون مبيض (كتاب هوية الطفل و كتاب أولادنا من الطفولة إلى الشباب). كما أرجو الاطلاع على استشارة:طفلي يضرب الأطفال ويعضهم.
في الختام أهنئكِ فأنتِ أم رائعة وهو ما دفعك للاستشارة والسؤال، فاستمتعي بأطفالك وأمومتك، وتذكَّري دائمًا نعمة الله عليك بهذه المكانة، وحاولي إسعاد أبنائك وإسعاد نفسك وأسرتك وفقك الله وبشرينا بجديدك .
وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين.
الكاتب: أ. مها عبد الرحمن الصرعاوي
المصدر: موقع المستشار